السبت، 11 أكتوبر 2014

ناقوس الخطر أم الطريق إلى العالمية



يزخر التراث الشعبي السعودي والعربي بصفة عامة بكنوز من الزخارف التي استلهمت من البيئة المحيطة والطبيعة الجغرافية الغنية التي حبى الله عزوجل بها تلك المناطق . وتعد الزخرفة بإستخدام تصاميم مستوحاه من الزهور والطيور والأشكال الهندسية من أبرز التصاميم التي تميز الزخارف الإسلامية والعربية. ومما أثار فضولي من جانب تخصصي الدقيق في مجال تاريخ الأزياء والمنسوجات الخوف على ضياع ذلك التراث الأصيل والجميل . حيث لم تلق تلك الزخاف البديعة إلى الآن الإهتمام البالغ على الوجه المطلوب والمرضي , سواء من قبل المختصين في مجالات الفنون بصفة عامه أوالمستهلكين للمنتجات المصنعه محليا. وعلى وجه الخصوص لم تتعدى خطوات التصميم السعودي بعد حدود المنطقة الجغرافية ولم تصل إلى العالمية المنشودة في مجالات تصميم المنسوجات والأزياء والموضة, بما في ذلك الإكسسورات ,تلك المجالات العملية والمهنية التي تعد أحد أهم العلوم التطبيقيه التي تحاط بكامل الإهتمام والحرص في دول العالم المتقدمة والصناعية.
وبصفتي أحد المهتمين بالجانب التراثي والتاريخي للأزياء في المملكة العربية السعودية بإعتباري أحد أبناء هذا الوطن الغالي، وبحكم طبيعة تخصصي الدقيق ، أشعر بالقلق والخوف على ضياع الجمال المنبثق من عبق الماضى إذا استمر التمادي في تجاهله وعدم إستغلاله والإستلهام منه. ولكوني من المتابعين للعروض الأجنبية والموضة الأوروبيه على وجه الخصوص بحكم طبيعة التخصص من جهة والأعجاب بها من جهة أخرى لكونها أحد الخطوط المهمة لتطوير مهاراتي في مجال التخصص والعمل. فقد لفت انتباهي العرض الخاص
 ب Dolce and Gabbana 2015
والذي تضمن مسألة في غاية الأهمية حول أهمية الإستلهام من التراث. وكيف يمكن لهوية الشعوب أن تظهر بجلاء من خلال الموضة والأزياء. فلقد احتوت المعروضات على تصاميم لبعض الحقائب  مستوحاه من أشهر أقمشة المفروشات والتنجيد التراثية الأكثر شهرة في السعودية. ربما لاتكون هذ الملاحظة واضحة للبعض ولكنها كانت جلية بالنسبة لي.

 اسم هذا النسيج المستخدم في تنجيد "المساند" الشعبية في المملكة العربية السعودية قماش "أبوطير" . وربما ارتبط هذا المسمى بالتصميم الزخرفي للطير الموجود ضمن التصاميم الزخرفية للنسيج. هذا النوع من المنسوجات غالبا يستورد من المغرب . والمغرب تعد إحدى دول الشرق الأوسط الغنية بالتراث العربي والإسلامي. وبالنسبة لي فإن هناك احتمالين واردين لهذا العرض الأول قد يكون هذا التصميم حدث بالصدفه وهذا إحتمال ضعيف جدا بسبب وجود نفس فكرة التصميم " الورود والطيور" وبنفس اللون الأصلي والمتوفر لخامة "أبو طير" اللون العنابي والبيج . أما الإحتمال الآخر فقد يكون هذا التصميم متعمد الإستلهام وهذا ما درجت عليه طرق ومناهج التعليم الفنية في بريطانيا والتي تشجع وتعزز أهمية جانب مصدر الإلهام في العمل الفني. وهذه الفكرة الذكية من وجهة نظري تعد أحد طرق جذب المستهلكين العرب بحكم كونهم بالإفتراض الشريحة التي تكاد تكون الأعلى في الإستهلاك للمنتجات والصناعات الأوروبية  في عالم الأزياء والموضة. وخصوصا الماركات العالمية ذات الصيت والشهرة.
 هذا العرض الذكي وأسلوب التسويق المغري للشريحة العربية بالدرجة الأولى على سبيل الإفتراض يثير العديد من التساؤولات التي ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار.هل هذا الإستلهام ناقوس خطر يدق أبوابننا نحن المصمين والمصممات العرب في مجال تصميم المنسوجات والأزياء لندرك من خلاله ماغاب أو غيب عن أذهاننا بأن هذا التراث العربي والإسلامي الغني والمذهل مرتبط بهويتنا وثقافتنا العريقة وهوبدون شك بصمة لوجودنا ولحضارتنا المنسية؟ ومن جهة أخرى إذا تم إنتقال هذا  الثراث الأصيل للعالمية على أيدي مصممين أجانب  فهل سيفقد هويته الأصليه مع الزمن مالم تنسب إلى مصدرها الحقيقي؟  أم أن هذا هو بداية الطريق للعالمية ووصول صدى إبداع تراثنا الغني إلى الاستهلاك المحلي والأجنبي ؟
من وجهة نظري كمختصة ومستهلكة في نفس الوقت فإن الموجود حاليا في السوق المحلي لايتساوى إطلاقا مع براعة ودقة الإنتاج الأوروبي في عالم المنسوجات والأزياء والموضة . ومن هنا آمل أن يلقى هذا الموضوع اهتمام المختصين في مجال تصميم المنسوجات والأزياء. والحرص على محاولة رسم خطوط موضة عربية  شرقية مستلهمة من تراثنا الجميل بإسلوب معاصر وتنفيذ دقيق ومتقن. لأن المصمم العربي سيكون أكثر قدرة على فهم واحترام متطلبات واحتياجات المستهلك الشرقي وفقا للثقافة العربية والعادات والتقاليد التي ارتبطت بها عبر الزمن.

الممراجع المتعلقة بصور تصاميم الحقائب 
http://www.dolcegabbana.com
miss_italybrand